كتب د. خالد حدادة لـ”أحوال”: طبقياً لا مكان للحياد: المعارك ذات بُعد اقتصادي وطني
سأحاول اليوم عرض موقف اليسار من الموقع الطبقي الواضح والمستقل، بمنطق هجين، شكله أرسطوي ومضمونه جدلي، علني أوفق:
في المبدأ، سأحدد الأساس البديهي للموقف، قضيتنا العالمية، هزيمة النيوليبرالية والأنظمة التابعة لها في العالم.
وفي المنطقة، هزيمة الأنظمة المرتبطة بهذا المشروع الامبريالي، وبالتالي انهيار النظام العالمي المترنح، وأساس الأنهيار يتحدد بانتصار قضية فلسطين وعودتها لأهلها وعودة أهلها لها.
الأساس الثاني والمرتبط، والذي يشكل شرطاً أساسيا للأول، هو مصلحة الشعوب بوقف النهب الخارجي، واسقاط أنظمة النهب الداخلي بكل الأشكال التي تتماهي بها، وهذا طبعاً يفسر نفسه بإسقاط أنظمة التبعية السياسية والاقتصادية للمشروع الأمبريالي.
على أساس الوضعين العالمي والأقليمي، وما يشهده العالم والمنطقة من صراعات وتشكيل محاور، لا بد لليسار من أن يحدد موقفه على أساس البديهيتين الأوليتين، ولا ينفع الحياد، الموقع الطبقي لا يقبل الحياد، في المعارك ذات الجوهر الاقتصادي وبالتالي الطبقي، هو موقف مستقل وغير محايد، مستقل بموقعه وتمثيله لمصالح الفئات الكادحة، ومستقل في قراره المتقاطع والمتحالف مع من يتقاطع مع أهدافه، وطبعاً موقعه من السلطة، هو فيها وجزء منها أو متصادم معها في حال كانت سلطة تابعة.
الموقف بالنسبة للأنظمة اليسارية، كوبا وفنزويلا كمثال، لا يمكنه إلا أن يكون حاسماً في علاقته مع أي تحالف مواجه للامبريالية ومشاريعها.
فالامبربالية الأميركية ببراغماتيتها، مستعدة للمساومة والحوار مع إيران كمثال، والتحالف مع تركيا والهند كمثال آخر، ولكنها على الإطلاق حاسمة في موقفها من اليسار سواء في السلطة أو خارجها.
ولذلك فأن من مصلحة أنظمة اليسار وشعبها، فك عزلتها والحصار الاميركي عنها، ببناء تحالفات ومحاور وتقاطعات، مواجهة لتلك التي تجهد الامبريالية لبنائها، للحفاظ على نظامها العالمي المتداعي.
أما فيما يتعلق مع اليسار في المعارضة، وتحديداً في إطار ما يمكن تسميته مجازاً “حركات التحرر الوطني” ، فالموقف أبعد ما يكون عن التبسيط، هو موقف صعب ومعقد ويحتاج لقدرة فائقة في تحديد التناقضات ونضوجها وأولويتها.
في إطار الصراع العالمي، والإقليمي والداخلي، أدق بكثير من نهجيْن الأول يبسط الموضوع بالقول لننهي التحرير وبعدها نتجه لصراعنا الطبقي، وكأن المهمتين منفصلتين،
أما الثاني وهو الأخطر وهو الذي يدعي وضع الامبريالية في خدمته بمواجهة الأنظمة، وبالتالي يساهم وعن غير قصد (او عن قصد) في إنجاح مشروعها، كما هو مثال العراق وموقف بعض “اليسار” في سوريا.
في لبنان مارسنا، ويجب أن نستمر في موقفنا الطبقي، المتميز والمستقبل، ولكن غير المحايد وحكما غير الملحق :
عندما يكون الصراع محتدماً على جبهة الصراع مع المشروع الامبريالي_الصهيوني، غير مقبول التردد، نحن مع مواجهة المشروع، ليس وراء من يواجه، بل الى جانبه وقبله اذا استطعنا، ولذلك نحن الي جانب التهديد، واستعمال، القوة للدفاع عن ثروتنا وأرضنا. بل نحن نطالب بأن يكون الموقف أكثر وضوحاً، التمسك بالخط ٢٩ ورفض الوساطة المعادية.
وعندما يتعلق الأمر في الصراع حول حقوق شعبنا وفئاته الكادحة، فالموقف الطبقي يكون أكثر وضوحاً.
في الموقف من النظام السياسي حكماً لسنا في موقع واحد مع من نلتقي معهم في القضية الأولى، وحتى يمكننا القول أننا في موقع متناقض معهم. والموضوع ذاته في السياسة الاقتصادية.
باختصار هم جزء من النظام ونحن نناضل من أجل تغييره، ولذلك لن نقع في وهم مطالبته بموقف مناقض للنظام، بل ربما يصح الرهان الاستعانة بالموقف الوطني، للتفاعل مع جمهوره المتضرر من النظام السياسي والسياسة الاقتصادية.
طبعاً الموضوع ليس بسيطاً، هو نضال مركب، يقتضي موقفاً مركباً.
أتمنى أن أكون قد نجحت في بعض التوضيح.
الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني
الدكتور خالد حدادة